*السر المكنون *
31/01/2009قصة قصيرة…
أتمنى أن تنال إعجابكم…
وأعتذر على غيابي الطويل…
___________________________________________
أهو قدري؟؟؟ أم خطأ جنيته على نفسي! كل شيء حولي ملتحف بالحزن مغلف بطبقة رقيقة من الوحدة وكأنها أبت إلا أن تتملكني…
أستلقي في غرفتي الملونة بسواد المشاعر وقد أزكمتني رائحة الخوف وملأ أنفي غبار الألم… حاولت تجاهل الرائحة…تجاهل قلبي الذي بدأ يخفق تفاعلاً معها… وإذا بالعرق البارد يهرب من مساماتي ليتبخر في هذا الهواء المكتوم…قمت وفتحت نافذتي على مصراعيها لأسمح للهواء أن يتبدل في الغرفة…أسمح للآلام أن تطفو خارجاً مصطحبة معها خوفي ووحدتي وحزني.
لا أعلم كيف تمتلك هذه المشاعر خاصية التجسد بينما لا يكاد الفرح يتراءى لنا كخيال…
خيل لي أنني سمعت همساً يتسلل إلي من النافذة…اقتربت أكثر وإذا بالشمس تحدق بي…وكأنها ترسل لي ضوءاً إضافياً وحناناً يزيدان عن كل البشر.
أتراها أحست بأني أفتقد شيئاً؟ شيئاً عظيماً يجعل أنفاسي تتسارع والغموض يكتنفها …أغلقت النافذة بحرص محافظة على السر الذي يجب أن لا يعلمه أحد…سري المحزن الذي مع الأيام تمكن مني وجعل حروف كلماتي ضعيفة تعجز عن تكوين المعاني …أطل على الشمس مرة أخرى,فإذا بها تحتجب خلف السحب!
لقد سحبت ضوئها وحنانها رافضة أن تحتوي شخصاً يحتفظ بسر أرعن مثل سري!
لقد رأت الشمس قبح خطيئتي وعلمت أنني تخليت عن مبادئي وقيمي عندما محوتهما من قائمة أولوياتي فغدت كالسراب…
قررت أن أشرح للشمس سبب توغلي في تلك الخطيئة لعل السبب أن يشفع لي لديها وتعفو عني وتملأ قلبي حباً وحناناً…
ابتسمت أداري دموعي المنهمرة وقلت للشمس: نعم أحببته.. حلمت بالحب الدائم الذي أرتوي منه بالزواج… ذلك الأمل الذي يرتدي ثوباً أبيضاً من أجمل ما رأيت…يلقي علي ببتلات الورد الحمراء…
أحياناً أسمع صوتاً غريباً داخل رأسي…صوت صغير يخطو خطواته الأولى…يبكي…يرى والديه يتخذان طريقان مختلفان بسببي… أنا!
كنت دائماً أنهر سلمان عندما يذكر اسمها أو اسم طفلهما وكأني بذلك أمحوهما عن وجه الأرض!
هو ملكي! وسارة وحسن إنما هما خطئان يجب أن أخرجهما من قلبه!
كم كان فرحاً عندما نطق حسن كلمته الأولى…بابا، من بعدها أحسست بأنه يكاد يتلاشى من بين يدي…أصبح يرسل لي كلمات فارغة بأنه رب أسرة وعليه مسئوليات كثيرة… أصبح لا يرد على مكالماتي… أصبح يحاول الخلاص مني…
أنا حبيبتك نوف ترميني هكذا! في آخر مكالمة قال بأنه سينهي علاقته بي بأنه سيتوب! وأنه يتمنى لي كل الخير والتوفيق! صرخت في وجهه: أنا نوف يا سلمان تتركني! لا تنسى أن سارة زوجتك أنت مجبور عليها, لا تنسى أنك كنت تتمناني أنا!
عندها فاجأني بما لم أتوقعه… قال بأنه طول مدة زواجه بها وهي ثلاث سنوات كاملة لم يرى منها ما يكره, وأنه يجب أن يكون مخلصاً لها كما هي مخلصة له, وبينهما طفل الآن لا ذنب له,وأخذ يبكي وهو يقول: أنا لم أضرك بسوء أبداً يا نوف أرجوك دعيني أكفر عن ذنوبي… سارة لا تستأهل أن أخفي عليها سرا وأنت تعلمين أن عائلتي ترفض زواجي منك فليذهب كلٌ منا في طريقه ويبدأ حياة جديدة… أرجوك يا نوف…أطلقي سراحي…
لم أغلق المكالمة إلا وأنا أهدده بأني سأتصل على هاتف البيت وهو في العمل وأخبر سارة كل شيء… أخبرته بأن حياته إما معي وإما وحيداً!
رأيت الشمس وقد حان غروبها وكأنها تعاتبني عتاباً قاسياً على خطيئتي…
دعيهما…أطلقي سراحهما… كانت هذه رسالتها التي أرسلتها مع أشعتها الذهبية الأخيرة… بدأت دموعي تهطل وكأني أراها سوداء كسواد روحي المتعدية على حقوق غيري…
كيف اجترأت على التطفل على حياة لم يكتبها الله لي؟
كيف كدت أدمر بيتاً سعيداً لم يعلم حتى بوجودي؟
التوبة…
كلمة غريبة خرجت على لساني تطعن كياني كالسيف…
قمت فصليت…دعيت الهي العظيم أن يزيل الحقد من قلبي… دعوت الله أن يرحمني بالنسيان…
أن يغفر لي تكبري على حكمته ورغبته بالتفريق بيني وبين سلمان…دعوت ربي أن يتمم على عائلة سلمان الخير والسعادة …
ثم أمسكت بالجوال وأرسلت له الرسالة الأخيرة…
“سلمان…
أعتذر من كل قلبي…
سامحني…أدع لي بالصلاح…
أتمنى لكم السعادة دائماً…
وداعاً…نوف”
وفي بيت آخر أمام نافذة مفتوحة تتلقى للتو آخر خيوط الشمس الذهبية, يتلقى سلمان الرسالة… يسقط الجوال من يده… يسجد سجود شكر مبلل بالدموع ثم يمحو الرسالة , ويمحو نوف…سره… إلى الأبد…