*درس من دروس الحياة*
تخبرنا الحياة عن نفسها بطريقة فجة, قد لا تخطر على بال, إنها تحب المفاجئات, وتحب أن تدبر وتخطط والناس نيام,تمشي على أطراف أصابعها و تلقي مفاجئاتها في كل مكان,السعيدة و الحزينة منها على حد سواء….
ذهبت ذات مرة إلى مقهى بسيط كان في أطراف المدينة, الطاولات فيه من خشب لامعٍ مصقول, و المقاعد مريحة, والنادلة مبتسمة دائما.أحببت هذا المقهى الذي يدل كل شيء فيه على النظافة و الاهتمام,أحب الأزهار المنسقة بعناية و الأنوار الملونة,هذا المقهى يعتبر من قائمة الأماكن التي تشعرني بالحياة……
ابتسمت للنادلة, وطلبت منها كوب قهوة,و تعمدت الجلوس أمام الشرفة حتى أنعم بمنظر البحر الجميل و الهواء العليل, أحضرت لي القهوة, ووضعتها بخفة,حتى أنني بالكاد خرجت من تفكيري العميق و شكرتها…..
نظرت إلى كوب القهوة…كان كوب أحمر جميل ومزخرف بنقوش بيضاء هادئة, كانت النادلة قد وضعت لي طبقة من الكريمة نثرت فوقها الشوكولا,كما أردتها تماما…
بدأت أشربها بتلذذ,ثم بدأت الأفكار تهاجمني,كل واحدة منها تطلب حقها في التأمل,لم تتسرب لي سوى فكرة واحدة….. الحياة…
يقول البعض أنها حلوة, ويقول غيرهم أنها مرة كالقهوة,نظرت لكوبي ببلاهة,ثم بدأت أفكر جديا بهذا التشبيه,الذي ربما يكون بليغا…
بدأت فعلا أحس بطعمها المر في فمي,نظرت للكوب بدهشة,فوجدت أنني قد قضيت تماما على الطبقة اللذيذة المحببة إلي- الكريمة و الشوكولا- وكأني عندها أدركت معنى هذا التشبيه,و إذا به حقاً بليغ.
فالحياة الماكرة تتزين بالآمال وتظهر بأحسن صورها ، وكأنها الكريمة والشوكولا في قهوتي ، وفي كوبي الأحمر الجميل، ثم تتكشف عن نفسها وتلتف كالأفعى لتقضي على كل حلم وتحكم عليه بالإعدام ، وبكل بشاعة تظهر مرارتها التي تزيد عن مرارة العلقم.
تلفت من حولي…لم يعد هذا المكان جميلاً أبداً وكأنه اكتسى فجأة بدخان الحياة الكريه الرائحة…اشمأزت منه نفسي، انقلب لون الكوب الأحمر المصقول إلى لون معدني رمادي وكأن الحياة قد نزعت منه انتزاعاً، أصبحت عيوب المكان الجميل ظاهرة للعيان، أحسست بالدوار وكأني لم أستطع تحمل هذه الحقيقة الخرقاء…
وقفت بالكاد، تركت بقشيشاً سخياً… ليس من أجل القهوة المرة-العلقم- بل من أجل هذا الدرس القاسي في الحياة.
إيثـــــار سعود المصيبيح
25/09/2008 في الساعة 5:20 م
تحياتي ،،
موضوع جميل ،
شكرا يزيد ،،
والمواهب بادية تطلع
25/09/2008 في الساعة 5:25 م
لا أرجوك .. دعنا نتوقف عند نقطة أن الحياة جميلة ولذيذة رغم مرارتها التي تشبه مرارة قهوتنا كل يوم ..
تحياتي ..
25/09/2008 في الساعة 6:03 م
مجرد وجهة نظر مفاجئة…
شكراً لتعليقاتكم.
25/09/2008 في الساعة 11:32 م
رائعة
26/09/2008 في الساعة 2:51 ص
روعه أيثار .تصاعد جميل في وصف الحاله حتى الوصول للفكره بشكل مفاجئ ولكنه مقنع ومعبر وهنا أقول .هي الحياة تقول بملء فيها حذار حذار من بطشي وفتكي
26/09/2008 في الساعة 2:54 ص
اعجبتني جداً إيثار ..
واصلي ،،
فأننا مستمتعون !
27/09/2008 في الساعة 3:44 م
جميل إيثار إبداعك
الموضوع جميل وشائق ..
أتمنى لك التوفيق
تحية ود ّ .